زي ما هتدخل زي ما هتطلع ..
لو مش فاضي شوف حاجة افيد تقراها
------------------------------------------
Powered By Blogger

السبت، 25 فبراير 2012

رايح على فين ؟

HTML Online Editor Sample
أسوء خدمة على الاطلاق تجدها في سكك حديد مصر بلا منافس .. اضطررت أن اخذ شنطتي واذهب إلى المحطة 3 مرات بحثا عن حجز وفي النهاية ايضا ركبت القطار بدون حجز مسبق ، منتظرا نظرات "الكومساري" المتملقة التي لا تري في شخصي سوى الحصول على نسبته في الغرامة التي تضاف على ثمن التذكرة الاصلية في حالة الحجز داخل القطار .

العديد من الكراسي شاغرة .. والسبب يعزو الى كون القطار يصل الى محطته النهائية بوصوله الى سوهاج .. وهناك يستعد للعودة مجددا ، لم يتأخر عن معاده كالمعتاد بل وصل متأخرا خمس دقائق فقط .. وهذا شئ يحسب لسائق القطار في الواقع ، فاجئني بوصوله غير المتوقع بينما كنت منهمكا في تخيل غباء ذلك العبقري الذي طور النظام الردئ الذي يتم من خلاله حجز التذاكر ، ومتذكرا تفاصيل المشادة الكلامية التي حصلت بيني وبين عامل شباك التذاكر والتي اعلم ان لا فائدة منها سوى انني كنت في حاجة ماسة الى اني اطلع الشويتين دول عليه .. يمكن يتحرك ويبعت شكوى ولا حاجة .



اعلم ان لا فائدة من مقال يبين لك مساوئ قطاع السكك الحديدية ، فهو واحد من العديد من المنظومات في مصر التي تحتاج الى عمر طويل لتحسن مستواها كما انه ليس القطاع الوحيد الذي يعاني منه الشعب المصري العظيم .. لكن اليس غريبا ان يكون هناك تشابه بين تلك المنظومة وبين ما يحصل في مصر حاليا ؟؟

تفاجئنا جميعا على اختلاف اطيافنا بقدوم القطار مع اننا جميعا كنا واثقين من مجيئه حتى لو تأخر .. نعم لربما لم يمت منا أحدا فعلا لجعله يأتي او ليعجل بوصوله .. لكنه دخل علينا جميعا حيث تعلقت به الانظار ، الذي حاول ان يحجز اكثر من مرة وفشل والذي حصل على تذكرته في اخر الوقت او ذاك الذي وقف في الطابور لساعات ليحصل على تذكرة له او لأحد اقاربه بعدها صبغ اصبعه بحبر فسفوري لا فائدة له سوى التقاط صورة بجواره للذكرى ، بعضهم حصل على تذكرته كما كان يحصل عليها من ذي قبل فخرجت له دون عناء من غرف الحجز المكيفة .. ولم يكلفه الامر سوى توزيع عددا لا بأس به من البطاطين او زجاجات "زيت التموين" ردئية الصنع .

دخلت القطار واخذت كرسيا لابد انه كان ملكا لاحد ما قبلي ، وما هي الا ساعات واتركه ليصبح ملكا لاحدهم من بعدي ، ارى بعض الوجوه السعيدة ترتسم عليه بسمة من الاذن الى الاذن بحصولها على الكراسي وكأنها اخذت "شقة اسكان جديد في مشروع ابني بيتك" ! بعض الوجوه ايضا كانت حكيمة واخذت ترتب حاجيتها وتفكر كيف ستستفيد من وقتها وتفكر اكثر فيما ستفعله بعد وصولها لمحطتها المنشودة ، آخرون تجمعوا واصروا على ارسال برقية شكر الى قائد القطار ! لا مشكلة اذا كنا على يقين جميعا انه دهس احدهم متعمدا او متجاهلا في الطريق او لربما كان سببا في تعرية احداهن امام مسمع ومرأى من الجميع ايضا ! لكن يبقى المهم انه حمى القطار مع ان هذا هو واجبه اصلا ، ارى بعض الوجوه السمجة التي لا تريد ان تقتنع ان القطار لن يذهب الى اسوان وبدلا من هذا فهم يرمونك بتهمة انك تقول هذا بحجة حصولك على الكرسي منه .. يا واد يا خاين يا عميل !

في عربة البوفية وبعيدا عن رفاهية الكراسي الاسفنجية الناعمة يجلس الكثيرون من راكبي القطار غير الحاصلين على تذاكر مسبقة يتحدثون في السياسة وامورها وتعقيداتها مما يشكل صداعا حقيقا لمسؤول البوفيه ، والذي يكمن السبب الحقيقي في صداعه هو رغبته في ابعادهم لافساح المجال لغيرهم من ممتلئي الجيوب لاخذ مقاعد بالبوفيه ليرتشف كوبا من الشاي ويترك له بقشيشا لا بأس به .. فاضطر الى ان يكتب اعلى دولاب البوفيه "ممنوع التحث في السياسة" كحجة جيدة لطرد جميع الزبائن الغير مرغوب فيها ، هناك سمعت احدهم ينعت صاحب القطار بـ"الحمار" واظن ان عدد لا بأس به هم ليلقيه من اقرب باب الى خارج القطار .. بعضهم ايضا تحدث عن امكانية ارسال رسالة شديدة اللهجة في صيغة شكوى ضد اداء قائد القطار المتباطئ المتخاذل .. صاح اغلب ركاب القطار فيهم متهمين اياهم بانهم يريدون ايقاف عجلة القطار !! المضحك في الامر ان القطار متوقف فعليا او ان صح التعبير فانه يحبوا على القضبان ليس الا .

يصيح دائما اولائك الجالسون على الكراسي المريحة اننا هرمنا .. هرمنا من اجل تلك اللحظة وان هدفنا ليس الجلوس على تلك الكراسي المريحة ولكن نعمل من اجل الوصول الى محطتنا المنشودة منذ اكثر من 80 سنة او تزيد .. العديد عانوا من اجل الوصول الى تلك المحطة ايضا والكل يقدر تلك الجهود .. فالجميع يريد الوصول حيث نجد بلدنا في مقدمة الدول تتربع على قمة العالم فيما تستحق اللقب الذي تسألت دوما عن سببه وهو "ام الدنيا" .. واشمعنا ام يعني ؟؟ لكن للاسف فرغنا لتخوين بعضنا البعض تحت قبة البرلمان او خارجها او لتمجيد ماضي نضالي سابق .. او القاء التهم على خلفية اختلافات التيارات السياسة وتوجهاتها في وقت نحن احوج ما نكون فيه للتوحد معا .

وبين هذا وذاك يقبع بين العربات المكيفة الفارهة الكثير من اولائك الذين افترشوا ارضية القطار للنوم ، حيث تعم الضجة بلا هوادة ويكون الجو بلا رحمة صيفا وشتاء ، اولائك الذين يدفعون دائما اكثر مما يدفعه اصحاب الكراسي الفارهة فتتضمن تذكرتهم الغرامة التي يتلهف عليها "الكومساري" بلا أي تفريط في حقه .. اولائك الذي يركبون مضطرين دائما املا في ان يجود عليهم احدهم بكرسيه ولو لبضع دقائق .. !! الغريب ف الامر ان مفترشي ارضية القطار بلا استثناء مقتنعين تمام الاقتناع ان القطار سيوصلهم الى اسوان .. كلام ثقة اخذوه من قائد القطار او بعض راكبي الكراسي .. !! ينظر احدهم الى تذكرته فيمني نفسه انه لربما سيكمل او يتكفل احدهم بايصاله الى اسوان .. هذا ان عرفه احدهم اصلا ! يتذكر القطار التونسي او يقرأ قليلا عن القطار الفرنسي و الروماني .. الكثير من الامثلة لقطارات وصل بعضها وضل اخرون .. لكن يبقى الكثيرون يملكون الامل انه يوما ما سنصل جميعا ببلدنا الى محطة حلمنا بها جميعا .. وراح في سبيل وصولنا لها العديد من الارواح الزكية الطاهرة .. هنا يحضرني مقولة الراحل جلال عامر – يرحمه الله – "كل واحد يسأل الآن: (مصر رايحة على فين؟) مش تسألوا قبل ما تركبوا" !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق